السلام عليكم ورحمة الله
كان ملعب الجوسيبي ميتزا كما يسميه عشاق إنتر نسونالي شاهداً على كبرى ملاحم دور الـ16 من بطولة دوري أبطال أوروبا لهذا الموسم بين إنتر ميلان ومانشيستر يونايتد من حيث المتابعة التحليلية التكتيكية لكبار مدربي العالم ومن حيث المشاهدة الجماهيرية التي لم تحظ بها أي مباراة أخرى في هذا اليوم الأول من ذهاب الدور الإقصائي لأفضل بطولات الأندية حول العالم.
المباراة انتهت بالتعادل السلبي رغم إمتلاء نصفها الأول عن بكرت أبيه بالفرص الضائعة لزوار الجوسيبي مايتزا بسيطرة مانشيستراوية حمراء من اليمين لليسار بواسطة كريستيانو رونالدو والخبير الويلزي ريان جيجيز والمكوك الكوري الجنوبي "بارك جي سونج" ومن خلفهم حاجز إسمنتي مسلح مكون من فليتشر ومايكل كاريك قاموا بقطع كل خطوط الإتصال والتواصل بين خطي وسط الإنتر والهجوم.
لتسهل المأمورية على نجوم المان يونايتد في إختراق دفاع الإنتر المهتز بوجود الأسمراني "ريفاس" وكريستيان تشيفو الذي عرفناه مع رومانيا وأياكس وروما كجناح ولاعب وسط دفاعي لا كقلب دفاعي صريح.، ولاحت للشياطين أكثر من فرصة خطرة جداً للتسجيل، ولسوء الطالع وعدم توفيق جيجيز ورونالدو وبيرباتوف ضاعت الفرص تباعاً بغرابة شديدة مع تألق ملحوظ للحارس البرازيلي "خوليو سيزار" ولقائمه الأيسر الذي منع تسديدة صاروخية لرونالدو من العبور في شباك الأفاعي الزرقاء.
كيف سيطر مانشيستر لمدة 30 دقيقة؟
بدأ السير أليكس فيرجيسون برسم تكتيكي متوازن للغاية بطريقة 4/1/4/1 أي لعب بطريقة 4/5/1 للسيطرة على وسط الميدان، ومنح رونالدو وبيرباتوف حرية التحرك في نصف ملعب الإنتر وبنى خلفهم إستراتيجية خططية بكاريك وفليتشر وجيجيز وبارك والأخيرين كانا يتبادلا الأماكن فتارة نرى بارك ناحية اليسار وتارة نرى جيجيز مما شتت خافيير زانيتي أكثر لاعبي الإنتر تحركاً في الوسط والدفاع.
ما فعله فيرجيسون أدى لعزل خط وسط الإنتر المتمثل في ستانكوفيتش وكامبياسو ومونتاري عن المهاجمين "إبراهيموفيتش وأدريانو"، لذا أضطر الثنائي الهجومي لتبادل العودة لمنتصف الملعب لتحضير الهجمة الشيء الذي كان يفشل على الدوام لتقدم أحد المدافعين لمنتصف الملعب مما يخلق ضغط غير عادي على حامل الكرة ويضيق المساحات كثيراً ليفسد كل الهجمات الزرقاء قبل ولادتها.
ولو لاحظنا في الشوط الأول شح كبير في عدد مرات ذهاب الإنتر على مرمي فاندر سار والسبب قتل فيرجيسون لمنتصف الملعب بخمسة لاعبين، منهم أثنان فقط يجيدا عمليات الإختراق والمناورة والهجوم، جيجيز ورونالدو، أما الثلاثي المتبقي فهو ثلاثي وسط ملعب دفاعي، الشيء الذي جعل كل هجمات اليونايتد تقريباً لا تنتهي نهاية سعيدة لأن الثلاثي بارك وكاريك وفليتشر ليس لديهم النزعة الهجومية أو بالأحرى اللمسة التهديفية التي تنهي المباراة، وعندما تمرر لهم الكرة دائماً في موقف واحد ضد واحد غالباً ما يعيدون الكرة للوراء، لهذا رأينا عجز لدى اليونايتد في إنهاء الكرة في مرمي خوليو سيزار الذي كان "مصحصح" جداً أمام تسديدات رونالدو العنقدية.
على أي حال .. تمخض عن عزل مانشيستر يونايتد لوسط ميدان النيرازوري خروج أكثر من لاعب أزرق عن تركيزه، الشيء الذي دفعهم لإرتكاب الأخطاء زيادة عن اللزوم، خاصةً ستانكوفيتش بطيء الحركة الذي عرقل فليتشر وكاريك وكريستيانو وجيجيز دفعة واحدة، والضربات الثابته تلك منحها كانتاليخو للمان أستغلها رونالدو على أكمل وجه في تهديد تلامذة السيد جوزيه مورينهو، فقد ذهبت التسديدة الأولى قوية في أحضان سيزار والثانية على يمناه والثالثة في القائم الأيسر، والرابعة ارتطمت في الحائط البشري وذهبت ركنية عن طريق جيجيز..
وحتى في الضربات الركنية التي قدرت بنحو 4 ضربات ركنية في الشوط الأول كاد رونالدو يحرز من أحدها هدفاً برأسية رائعة تألق في إبعادها سيزار الذي كان نجم الإنتر الأوحد.، بالإضافة لكثرة مرور رونالدو من على الطرف الأيمن مستغلاً ضعف خبرة الظهير الايسر "سانتون" صاحب السرعة القليلة والمهارات الفردية الوفيرة جداً وتذكرني طريقة حركته "بكاكا" مع التحفظ على مركزي اللاعبين.
بعد مرور 30 دقيقة من الشوط الأول بسيطرة مانشيستراوية كاملة بفضل تسلم واستلام متميز من لاعبي الوسط منح رونالدو عدة فرص للشوشرة على سيزار، بدأ الإنتر يتحصل على الكرة، لكن بناءه للهجمات كان منعدماً، فلمسة علي سولي مونتاري للكرة ضعيفة، والرقابة لصيقة عليه، وإيفانس وفيرديناند غلقا الطريق على إبراهيموفيتش وأدريانو بإحكام، وكأن فيرجيسون أستمع جيداً لنصائـح الأبن البار لمانشيستر في التسعينات وأوائل الألفية "ديفيد بيكهام" لاعب إي سي ميلان الذي أوصى أباه الروحي أثناء تدريبات الشياطين أول أمس في السانسيرو بأهمية غلق كل منافذ اللعب على أدريانو وإبراهيموفيتش وبالفعل طبق مدافعي ولاعبي وسط المان نصائح بيكهام وتعليمات فيرجيسون بحذفيرها.، وفشل الإنتر في بناء أي هجمات حقيقية كما فعل مانشيستر في أول نصف ساعة من المباراة بل وأثناء المباراة ككل!!
وذهب الإنتر على مرمي مانشيستر بعرضيتين فقط طوال الشوط الأول.. واحدة عن طريق مايكون من اليمين، وأخرى عن طريق إبراهيموفيتش عرضية منخفضة أساء أدريانـو تقديرها بعدم ركضه بسرعة رونالدو أو تيفيز أو إنزاجي على القائم القريب لتذهب سهلة في يـد الحارس الأسطوري فاندر سار.
بمْن تنفذ الهجمة المرتدة يا سيد المدربين؟؟
انتهى الشوط الأول بتعادل سلبي غير عادل بالمرة للشياطين الحمر فقد كانوا يستحقون ولو هدف على أقدر تقدير، بفضل خمسة تسديدات على المرمي مقابل ولا تسديدة للإنتر، في الشوط الثاني أنخفض المردود البدني لبعض نجوم مانشيستر كبيرباتوف الذي تحامل على لياقته البدنية الضعيفة وفليتشر وبارك جي سونج الذي كان يركض فقط ولا يقوم بأي مهام فنية عكس الشوط الأول الذي كان فيه كل عناصر الوسط كتلة واحدة.
مورينهو حاول لملمت أوراقه بين الشوطين وبدا واضحاً إستفاقة الإنتر في الشوط الثاني الذي بدأ حماسياً من جانبهم، ووضحت أوامر فيرجيسون التكتيكية بمنع إبراهيموفيتش من الإختراق من العمق وغلق المساحات أمام أي متأهب للتصويب من خارج منطقة العمليات، إضافة لهذا مساندة فليتشر وبارك لكلٍ من أوشيه وإيفرا - على الترتيب- في حالة تقدم أحـد ظهراء الجنب الدفاعيين للإنتر لأداء الدور الهجومي كمايكون من اليمين والبرازيلي الشاب "سانتون". لتبوء كل محاولات الإنتر الهجومية بالفشل اللهم إلا فرصتين واحدة لستانكوفيتش من ضربة ركنية أرتطمت بالخطأ في صدر ستيبان كامبياسو، والثانية عرضية أرضية برازيلية من الجهة اليسرى عن طريق كامبياسو ذهبت لأدريانو لكن توازنه أختل وسدد الكرة بطريقة خاطئة ذهبت بعيدة عن المرمي الذي وقف حارسه (مثبتاً) فإذا ذهبت منضبطة في أي زاوية لأصبحت هدفاً محققاً.!!
لم يجر أياً من المدربين أي تغييرات بداية الشوط الثاني عدا زج مورينهو بكوردوبا الكولومبي وإخراجـه للمدافع ريفاس الذي كاد يتسبب في كارثة نهاية الشوط الأول بتركه لجيجيز يعبر بسهولة نحو المرمي في إنفراد صريح جداً لكن سيزار أبعد تسديدة جيجيز ببراعة لركنية.
وحتى وقت متقدم من المباراة لم يقم مورينهو وفيرجيسون بإجراء تغييرات ذات شأن تكتيكي وخططي على الرغم من ان إجراء التغييرات كان أمراً مهماً جداً خـاصةً لمانشيستر يونايتد الذي بدا واضحاً على أسلوبه في الشوط الثاني الإعتماد على المضادات والهجمات المرتدة، وأستخدم فيرجيسون لاعبون أقل من المتوسط لتنفيذ تلك الخطة كبيرباتوف بطئ الحركة والشايب جيجيز وعديم الفائدة الفنية بارك وضعيف القدرات الفنية والفردية فليتشر.، لتضيع أغلب هجمات مانشيستر المرتدة هباءً ويتعرض رونالدو بالذات لإرهاق لكثرة تحركاته وركضه.
الغريب تجلي البطء الشديد في دفاع الإنتر أثناء المباراة، ودفاع نادٍ كبلاكبيرن روفرز في الدوري الإنجليزي السبت الماضي عذب روني ورونالدو وجيجيز في انهاء المباراة بهجمة لا بضربة ثابته كما فعل رونالدو، أما دفاع الإنتر فكانت تشن عليه أي هجمة وتمثل خطورة بالغة، ولولا الحارس العملاق سيزار لوضع روني بصمته في إحدى الإنفرادات التي لاحت له فور هبوطـه لأرض الملعب نهاية الشوط الثاني!
وأعني انه كان يجب إخراج بيرباتوف وبارك والزج بروني وتيفيز في الخطوط الأمامية.. فكلاهما يجيدا تنفيذ الهجمات المرتدة (السلاح الأوحد لمانشيستر في الشوط الثاني) مضافاً إليهما كريستيانو رونالدو، بذلك كان سيهيج الشياطين الحمر بسرعاتهم القياسية جداً صعبة التحمل بدون شك من دفاع الإنتر بطيء الحركة جداً وعديم الكفاءة.
ولمن تابع مباراة فرنسا والأرجنتين الودية يوم الأربعاء قبل الماضي جيداً يعلم جيداً قيمة تيفيز في الهجمات المرتدة، فهذا اللاعب الأرجنتيني المعروف باسم الأباتشي قد أنطلق بالكرة أمام فرنسا من قبل منتصف الملعب ثم راوغ وموه بجسده ومرر كرة سحرية على طبق من ذهب لميسي ليحرز منها الهدف الثاني للتانجو..أين؟ في مارسيليا وعلى من..على بن زيما وهنري وابيدال وريبيري؟
الحقيقة يجب ان تقال.. مانشيستر يونايتد لعب مباراة تاريخية في الجوسيبي مياتزا وأكد أنه ليس بطل أوروبا من فـراغ وما حدث له أمام الميلان الموسم قبل الماضي بخسارته 3/صفر في نفس الملعب كان كبوة بالفعل والفريق الأحمر كان في برج نحسه، وبرهن فيرجيسون تفوقه على مورينهو في كل أوقات المباراة بعبقريته الخططية في ملء منتصف الملعب وعزل كل مصادر الإزعاج عن صانعي الفرحة للجماهير الزرقاء دائماً..
وبالفعل كان يستحق فيرجيسون الخروج فائزاً ولو بهدف..وستبقى معركة الإياب في الأولد ترافولد الفيصل بين الفريقين لحسم بطاقة التأهل للدور الـ8 وعلى فيرجيسون إشراك إما روني أو تيفيز جوار بيرباتوف لأن البلغاري بمفرده لا تسعفه لياقته المتواضعة طوال المباراة ويحتاج على الدوام لمهاجم "سنيد" ذا سرعة وقوة ومهارة يستطيع فتح المساحات وخلقها..أما بيرباتوف وحده فيعني فرض رقابة مزدوجة عليه وهذا يقلص من فرص تهديفه دائماً.، أما إذا عاد ماتيراتزي وفييرا من إصابتهما في لقاء الإياب فستصعب المهمة على مانشيستر قليلاً ولن يطبق بأي حال من الأحوال نفس الإستراتيجية الهجومية التي طبقها في الجوسيبي مايتزا الثلاثاء، لأن ما حدث في هذه الليلة صعب تكراره، وإذا تكرر إذاً فهذه نهاية مورينهو على ما أتصور.
________________________ التقييم النهائي للاعبي الفريقين في هذه المباراة
الإنتر نسونالي: (سيزار 
- ( مايكون6، تشيفو7، ريفاس5، سانتون6) - (زانيتي7، مونتاري7، كامبياسو7، ستانكوفيتش6) - (إبراهيموفيتش7، أدريانو7).مانشيستر يونايتد: (فاندر سار7) -(إيفرا8، إيفانس7، فيرديناند8، أوشيه6) - (كاريك7، بارك7، رونالدو8، جيجيز8، فليتشر7) - (بيرباتوف7)الحضور الجماهير: 84 ألف متفرج. الحكم: الدولي الإسباني ميدينا كانتاليخو. ________________________
الرئيسية 
